الرفيسة المغربية: طبق التراث والفرحة والشفاء

الرفيسة المغربية
 طبق التراث والفرحة والشفاء

الرفيسة المغربية طبق التراث والفرحة والشفاء

عندما نتحدث عن المطبخ المغربي، لا يمكن تجاهل الرفيسة، الطبق التقليدي الغني بالنكهات والدلالات الثقافية. إنها ليست مجرد وجبة تُقدَّم على المائدة، بل طُقس احتفالي يُرافق مناسبات خاصة، وخصوصًا في الولادة والنفاس، حيث يقال عنها: "الرفيسة للمرأة، كيف الحناء للعروس".


ما هي الرفيسة؟


الرفيسة طبق مغربي شعبي يتكوّن أساسًا من المسمن أو الرغايف المقطعة، تُسكب فوقها مرقة غنية تُطهى بالدجاج والتوابل والعطرية الأشهر في هذا الطبق: الحلبة. ويُضاف إليها العدس، البصل، رأس الحانوت، والثوم، لتكوّن مزيجًا فريدًا يُضاهي ألذ الأطباق العالمية.


الرفيسة ليست موحدة في جميع أنحاء المغرب، بل تختلف تسمياتها وطريقة تقديمها من منطقة لأخرى، لكن يبقى الجوهر واحد: طبق يعكس التراث، الشفاء، والمحبة.


الجذور العميقة للرفيسة


يعود أصل الرفيسة إلى المطبخ الأمازيغي والمغربي الأصيل، حيث كانت النساء في القرى يحضّرنها في مناسبات الولادة، نظرًا لفوائد الحلبة والعدس في تقوية الجسم وتعويض ما فقده خلال الحمل. وتوارث المغاربة هذا الطبق عبر الأجيال، ليصبح عنصرًا أساسيًا في الضيافة والعناية.


المكوّنات:


دجاج بلدي (غالبًا يُفضل البلدي لما له من نكهة غنية)


بصلة مشلظة


العدس


الحلبة


الثوم


رأس الحانوت، الكركم، الزنجبيل، الزعفران، الملح والفلفل الأسود


زيت الزيتون أو السمن البلدي


رغايف أو مسمنات مقطعة رقيقة



طريقة التحضير:


تُطهى قطع الدجاج مع البصل والثوم والتوابل، ثم يُضاف العدس والحلبة، ويُترك المزيج ليغلي وينضج حتى تتحول المرق إلى عصارة غنية بالنكهات. في صحن التقديم، تُرتّب قطع الرغايف أو المسمن المقطّع، وتُسكب فوقها المرقة الساخنة، لتتشبع تمامًا بالنكهة. ويُقدّم الطبق ساخنًا في وسط المائدة، لتجتمع حوله العائلة.


طبق للمناسبات... وللشفاء


الرفيسة ليست فقط وجبة تقليدية، بل تُقدَّم في مناسبات خاصة:


عند الولادة: لتقوية الأم بعد النفاس، خاصة بسبب فوائد الحلبة والعدس.


في العقيقة: يتم تقديمها بجانب أطباق أخرى كرمز للفرح بالمولود.


في الشتاء: لما تمنحه من دفء وطاقة.



ويُقال شعبيًا أن "الرفيسة تُشبع وتُقوّي"، خاصة عند إعدادها بالدجاج البلدي والسمن الحر.


الرفيسة في العصر الحديث


رغم الحداثة وتغيّر أنماط العيش، لا تزال الرفيسة حاضرة في البيوت المغربية، بل صارت تُحضّر في مطاعم فاخرة، وتُقدَّم للزوار والسياح كتجربة أصيلة للمطبخ المغربي. وقد أصبح البعض يطوّرها بوصفات مبتكرة، مثل تقديمها مع لحم البقر أو بشكل فردي.


---


الرفيسة... طبق الأم والذاكرة


الرفيسة ليست فقط طبقًا مغربيًا شهيًا، بل هي ذكرى عائلية، ووجه من أوجه الحنان الأمومي، وكنز غذائي وتراثي. هي طبق يُطهى بحب، ويُقدَّم بدفء، ويُؤكل بشهية لا تعرف الكلل.


إذا زرت المغرب يومًا، فلا تكتفِ بتذوّق الطاجين أو الكسكس فقط، بل اسأل عن الرفيسة... هناك، حيث يلتقي المذاق بالتاريخ. 

تعليقات