السفة
عندما نتحدث عن المطبخ المغربي، فإن أول ما يخطر في بال الكثيرين هو الطاجين والكسكس والحريرة، ولكن هناك طبق آخر لا يقل أهمية ولا نكهة، وهو طبق "السفة". قد تبدو السفة للبعض طبقًا بسيطًا من الشعيرية أو الكسكس المحلى، لكنها في الحقيقة تحمل بين خيوطها عبق التاريخ وروح الضيافة المغربية الأصيلة.
ما هي السفة؟
السفة هي طبق مغربي تقليدي يُحضّر غالبًا في المناسبات الخاصة، مثل حفلات العقيقة، أو بعد الولادة، أو حتى في بعض الأعراس والولائم العائلية. يتكون هذا الطبق من شعيرية رقيقة (أو أحيانًا الكسكس أو الرز) تُطهى على البخار، ثم تُزيَّن بالسكر البودرة، القرفة، واللوز المقلي أو المطحون. والنتيجة؟ مزيج ساحر من الحلاوة والعبق الشرقي يأسرك منذ أول لقمة.
أنواع السفة
رغم أن السفة المعروفة عادة تُحضّر بالشعيرية الرقيقة، إلا أن هناك تنويعات كثيرة على هذا الطبق:
سفة بالشعيرية: وهي الأكثر شهرة، يتم تبخير الشعيرية عدة مرات حتى تصبح طرية، ثم تُخلط بالقليل من الزبدة وتُزين بالسكر والقرفة واللوز.
سفة بالكسكس: تُحضر بنفس الطريقة تقريبًا لكن باستخدام حبيبات الكسكس بدلاً من الشعيرية.
سفة بالأرز: نسخة أقل شيوعًا، لكنها لذيذة وتناسب من يفضل الأرز على المعجنات.
وفي بعض الأحيان، تُضاف قطع من الدجاج أو اللحم تحت طبقات السفة، فتتحول إلى طبق متكامل يجمع بين الحلو والمالح، وهو ما يُعرف بـ"السفة باللحم المدسوس".
السفة والضيافة المغربية
السفة ليست مجرد طبق حلو، بل هي رمز للكرم والفرح في الثقافة المغربية. عندما يُقدَّم طبق سفة في بيت مغربي، فاعلم أن هناك مناسبة سعيدة تُحتفل بها. ويُقال إن تقديمها للنساء بعد الولادة يساعد على استعادة الطاقة بسبب مكوناتها الغنية، خاصة اللوز والقرفة.
كما أن طريقة تقديم السفة لها طابع خاص، حيث تُصفف في شكل هرمي على طبق كبير، وتُزيَّن بخطوط متقاطعة من السكر البودرة والقرفة، وأحيانًا تُوضع اللوزات المقليّة على شكل وردة في الأعلى. إنه فن بصري كما هو فن في الطعم.
قيمة غذائية وفوائد
رغم كون السفة طبقًا محلى، إلا أنه يحتوي على عناصر غذائية مفيدة. الشعيرية أو الكسكس غنيان بالكربوهيدرات التي تمد الجسم بالطاقة، بينما يضيف اللوز البروتينات والدهون الصحية، وتُعرف القرفة بخصائصها المضادة للأكسدة والمساعدة على الهضم.
لكن يُنصح بتناولها باعتدال، خصوصًا لمن يراقبون مستويات السكر في الدم، لأنها تحتوي على كمية من السكر والزبدة.
خاتمة
السفة ليست مجرد طبق مغربي، بل هي حكاية من التراث، تُروى في كل مناسبة سعيدة، وتجمع الأحبة حول مائدة مليئة بالحب والدفء. إنها طبق لا يُقاوم، بطعمه المتوازن بين الحلاوة والبهارات، وبعبيره الذي يأخذك في رحلة عبر الزمن.
في المرة القادمة التي تزور فيها المغرب أو تدخل بيتًا مغربيًا، لا تفوّت فرصة تذوق السفة. فقد تقع في حبها من أول ملعقة.