الجلابة المغربية الرجالية: أناقة تقليدية وهوية متجددة

الجلابة المغربية الرجالية

أناقة تقليدية وهوية متجددة 

الجلابة المغربية الرجالية

في كل زاوية من زوايا الحياة المغربية، تجد تفاصيل تحمل بين طياتها عبق التاريخ وروح الأصالة. ومن بين هذه الرموز التي تصنع الهوية المغربية، تبرز الجلابة الرجالية كلباس تقليدي حافظ على مكانته وهيبته لعقود طويلة، بل وواصل تطوره ليجمع بين الأصالة والحداثة في آنٍ واحد.


الجلابة: أكثر من لباس


الجلابة المغربية الرجالية ليست مجرد قطعة من الثوب تُلبس، بل هي رمز اجتماعي وثقافي يُعبّر عن الانتماء، والوقار، والتقاليد. ويكاد لا يخلو بيت مغربي من جلابة تُرتدى في المناسبات الدينية، والأعياد، وصلاة الجمعة، وحتى في الحياة اليومية لدى الكثير من الرجال.


الشكل والمكونات


الجلابة هي لباس فضفاض وطويل يمتد من الكتفين إلى الكاحلين، مزودة بغطاء رأس واسع يُعرف بـ"القب". تصنع عادة من الصوف، أو القطن، أو الحرير حسب الفصول والمناسبات. وتُطرز غالبًا بـ"السفيفة" (خيوط مطرزة يدويًا) التي تُضفي عليها طابعًا تقليديًا مميزًا.


يُفضل الرجال الألوان الهادئة مثل:


الرمادي


البني


الأبيض


الأزرق الداكن


الأسود


أما الأقمشة الثقيلة مثل الصوف والوبر، فتُرتدى شتاءً، بينما تُستخدم أقمشة خفيفة كالقطن واللينن في الصيف.


تاريخ الجلابة


تعود جذور الجلابة إلى قرون خلت، وقد تأثرت بتقاليد الأندلس والمغرب العربي. واعتُبرت الجلابة لباسًا موحدًا للعلماء، والتجار، ووجهاء المجتمع. بل كانت ترتدى أيضًا من قبل الأمراء والسلاطين في مناسباتهم الخاصة، حيث يُضاف إليها حزام جلدي أو حريري، وسيف يرمز للمكانة والسلطة.


الجلابة في الحياة اليومية والمناسبات


تُرتدى الجلابة اليوم في المغرب خلال:


صلاة الجمعة والعيدين: كلباس يعكس الوقار والاحترام.


حفلات الزفاف والختان: وخاصة عند مرافقة العريس أو الطفل.


المناسبات الدينية كالمولد النبوي وليلة القدر.


المواسم التقليدية والزيارات العائلية.


كثير من الرجال يفضلون ارتداء الجلابة أيضًا في التجمعات الاجتماعية والمناسبات الوطنية، لما تمنحه من هيبة وأناقة مغربية خالصة.


الحرفية والصناعة التقليدية


تصنع الجلابة يدويًا في ورش الحرفيين التقليديين، حيث يُطرّز القماش بخيوط من "الفتلة" أو "السفيفة"، ويُخاط بعناية ليمنحها الشكل المتوازن والراقي. وتُعد مدن مثل فاس، سلا، وتطوان من أهم مراكز صناعة الجلابة التقليدية الرجالية.


ويُرافق الجلابة غالبًا "البلغة" وهي نعل جلدي تقليدي يكمل طابع الأناقة المغربية.


الجلابة والموضة المعاصرة


رغم جذورها العريقة، لم تبق الجلابة حبيسة الشكل التقليدي، بل دخلت في عالم الموضة العصرية، حيث أبدع المصممون في تقديم جلابات بتصاميم بسيطة وألوان متجددة تناسب الرجل العصري، دون أن تفقد الجلابة هويتها الأصلية.


وقد بدأت تُعرض الجلابات الرجالية في عروض أزياء مغربية وعربية، لتُثبت أنها قادرة على مزج الماضي بالحاضر، والبساطة بالأناقة.


في الختام


الجلابة الرجالية المغربية ليست مجرد لباس، بل هي شهادة حيّة على الأصالة المغربية، تعكس جمال التقاليد وعبقرية الحرفيين، وتُظهر كيف يمكن للهوية أن تظل حيّة، نابضة بالأناقة، رغم تغيّر الزمان. إنها لباس يحمل في كل خيط من خيوطه قصة، وفي كل قبٍّ من قبابها، كبرياء رجل مغربي أصيل.

تعليقات