البريوات
نكهات مغربية ملفوفة
من بين الأطباق المغربية التي تأسر القلوب قبل البطون، تبرز البريوات كواحدة من أيقونات المطبخ التقليدي المغربي. تلك القطع الذهبية الصغيرة، المغلّفة بعناية والمقلية حتى قرمشة الكمال، تحمل في طياتها نكهات متجددة تعكس غنى التراث وتنوع المناطق المغربية.
ما هي البريوات؟
البريوات (أو بريوة بالمفرد) عبارة عن مثلثات أو لفائف صغيرة يتم إعدادها من ورقة البسطيلة أو ما يعرف بـ "ورقة الفيلو" في بعض البلدان، ويتم حشوها بمكونات مختلفة حسب المناسبة والمذاق المطلوب. فهي تأتي حلوة أو مالحة، مما يجعلها حاضرة في الولائم الرمضانية، الأعراس، وحتى المناسبات العائلية الصغيرة.
الأصول والتسمية
ترجع كلمة "بريوات" إلى الكلمة العربية "بُرَيَّة"، أي الورقة الصغيرة أو الغلاف، في إشارة إلى ورقة البسطيلة التي تلفّ بها. ويرجح أن هذا الطبق تطوّر من تفاعل المطبخ المغربي مع التأثيرات الأندلسية والتركية، إذ أن الحشو الملفوف في رقائق رقيقة يُعد نمطًا شائعًا في تلك الثقافات.
أصناف البريوات المالحة
تتنوع البريوات المالحة بشكل كبير، وتعد واحدة من أكثر المقبلات شهرة في المغرب. من بين الحشوات الأكثر شيوعًا:
البريوات بالدجاج: يتم سلق الدجاج وتفتيته ثم يطهى مع البصل، الكزبرة، التوابل المغربية كالزنجبيل والزعفران، ويُضاف إليه البيض المخفوق ليصبح الحشو غنياً ودسمًا.
بريوات بالكفتة: حشو سهل وسريع يعتمد على اللحم المفروم مع البصل، الثوم، التوابل، وأحيانًا يُضاف إليه الجبن ليزيد من كثافته ونكهته.
بريوات بالسمك أو القمرون (الجمبري): وصفة مفضّلة لدى سكان السواحل، حيث تُحشى البريوات بخليط من القمرون والثوم والكزبرة والصلصة الحارة، لتمنحك نكهة بحرية مميزة.
البريوات الحلوة: حكاية أخرى من التميّز
في الجانب الآخر من الطيف، نجد البريوات الحلوة، خصوصًا تلك التي تُقدّم في شهر رمضان أو في المناسبات الكبرى. من أشهرها:
بريوات باللوز والعسل: يتم تحضير حشو من اللوز المقلي والمطحون، يُنكّه بماء الزهر والقرفة، ويُلفّ في ورقة البسطيلة ثم يُقلى ويُغمس في العسل الدافئ. هذه البريوة تعتبر من الحلويات الراقية والمحببة في الثقافة المغربية.
طريقة الطهي والتقديم
بعد حشو البريوات ولفّها بإحكام، يتم قليها في زيت غزير حتى تكتسب لونًا ذهبيًا مغريًا. في بعض الوصفات الحديثة، يمكن خبزها في الفرن كخيار صحي، دون أن تفقد الكثير من طعمها المميز.
تُقدّم البريوات عادةً ساخنة، بجانب الشاي المغربي بالنعناع، مما يجعلها طبقًا مثاليًا للمشاركة مع الضيوف أو العائلة.
لماذا يحبها المغاربة؟
حب المغاربة للبريوات لا يعود فقط إلى طعمها اللذيذ، بل لأنها مرتبطة بالدفء العائلي والذاكرة الجماعية. تحضيرها غالبًا ما يكون عملاً جماعيًا، تشارك فيه الأمهات والبنات والجدات، في لحظات طهي تتخللها الحكايات والضحكات. لذلك، فإن البريوة ليست مجرد لقمة، بل هي قطعة من تاريخ مغربي يُحفظ ويتجدّد.
خاتمة
سواء كنت من عشاق النكهات الحارة أو الحلوة، فإن البريوات المغربية ستأسر حواسك وتدعوك لاكتشاف المزيد من أسرار المطبخ المغربي. جرب إعدادها في بيتك، ولن تمرّ المناسبة التالية دون أن تكون البريوات جزءًا منها.